من ضمن مسعاي الدائم للبحث عن كل ما يكتب عن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لأضمّنه في محاضراتي، وجدت موضوعًا هادئًا هادفًا للدكتور (حسين سامي علي شبر) من كلية الفقه جامعة الكوفة، شعرت وأنا أقرأ الموضوع أننا فعلًا نحتاج هذا الهدوء لمثل هذه المواضيع التي تعمل على
أولًا... ترسيخ حقيقة الإمام المهدي (عليه السلام).
ثانيًا.. أن تكون المصادر التي ننهل منها الاستشهاد هي روايات ومصادر العامة.
ثالثًا.... مثل هذا السبيل العلمي سيقرب لنا وجهات النظر باعتبارها وسائل تقريب للمذاهب ولا يمكن أن يحدث مثل هذا التقريب إلا بوجود مشتركات علمية حقيقية.
رابعًا ...هذا المشروع ينبذ الطائفية ويقدّم العالم حقيقة هذا الانتماء المهدوي بهوية إسلامية عامة.
خامسًا... مثل هذه الكتابات تخلق المقارنة عند المتلقي بين الدراسات الجادة التي تسعى للحقيقة العامة، وبين الكتابات الساعية إلى تركيز بؤر طائفية تقدّم لنا مهدي الجمهور غير مهدي (الشيعة) نحن بحاجه إلى مثل هذه البحوث التي توضح دور العقيدة المهدوية في التفكير الإسلامي الواعي وإظهار أبعاد المؤامرة على هذه العقيدة تاريخيًا وسياسيًا وفكريًا وخاصة هناك حقيقة إسلامية اعترفت بها جميع مذاهب الإسلام الفقهية والعقائدية، القول بظهور الإمام المهدي الذي سيملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن ملئت ظلمًا وجورًا، وحفلت بالحديث عنها جميع كتب الفرقاء المسلمين، ولا مجال لوضع حد للمجالات الخلافية ما لم تتجه حركة الفكر الإسلامي بنوايا مخلصة لتصفية خلافاتها التاريخية والفكرية في ضوء المنهج العلمي المستخلص في أسسه العلمية من الكتاب والسنة النبوية الصحيحة.
أنا أمام حقيقتين مهمتين هما:
(الحقيقة الاولى )
إن الإسلام لم يطرح قضية المهدي (عليه السلام) مجرد فكرة خيالية تبشر بقائد مبهم سيظهر في المستقبل المجهول لإنقاذ البشرية من الظلم والجور، بل طرحها كقضية عقائدية ذات معالم واضحة ثابتة في التصور الإسلامي وحاضرة في ضمير الأمة ووجدانها.
( الحقيقة الثانية)
إنها عقيدة إسلامية عامة لكن يا للأسف صُورت على إنها خاصة بالشيعة الإمامية على الرغم من كونها عقيدة إسلامية عامة، لكن احتسبت قضية شيعية صرفة على الرغم اعتقاد الجميع بها سواء عن طريق العقل أو النقل، ومن المؤكّد أن قراءة المفردات والمفاهيم بصورة صحيحة تساعد في إلغاء الفجوة الطائفية والسعي المثابر لإلغاء السطحية للموضوع.
أصدر الدكتور أحمد أمين كتابًا بعنوان (المهدوية في الإسلام ) جعل من ادّعاء المهدوية سببًا للطعن على فكرة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وأصالتها، ولكن العكس هو الصحيح في كل الأمور؛ لأنّ الادّعاء لا يدل على إلغاء الفكرة بينما يدل على وجودها وعلى حيويتها، بمعنى أن المدعين يستغلون حقيقة موضوعية راسخة عند الناس ولو كان مثل هذا الاعتراض صحيح فهناك كثير ممن ادّعى النبوة، فهل يمكن إبطال النبوات؟
قضية المهدي (سلام الله عليه) لا يمكن أن تستقر في قلب لا يؤمن بالغيبيات، تلك الأسس هي نفسها التي رفض مَن سبقهم الدين والقرآن.
زخرت كتب الحديث والسيرة والفضائل بمزيد من الأحاديث التي أخبر رسول الله فيها أمته، وكانت من الأمور المستقبلية التي أخبر بها الرسول (صلى الله عليه وآله سلم) فقال: (المهدي من ولدي اسمه اسمي كنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقًا وخُلقَا، يقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلًا وقسطًا كما ملئت جورًا وظلمًا).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ( يقيم الناس على ملتي وشريعتي ويدعوهم إلى كتاب الله عز وجل، مَن أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذّبه فقد كذّبني، ومن صدّقه فقد صدّقني، إلى الله أشكي المكذّبين له في أمره والجاحدين لقولي في شأنه والمضلين لأمتي عن طريقته)
وقد روى أحاديث المهدي (عليه السلام جماعة) من محدّثي الجماعة في صحاحهم ومسانيدهم كالترمذي وأبي داوود والسجستاني وغيرهم.
هناك بحث شارك في المؤتمر العلمي الأول في الإمام المهدي عقده مركز الدراسات التخصصية في مدرسة النجف 2007 م، للشيخ عبد المحسن العباد وعنوان المحاضرة (عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر)
إن من بين الأمور المستقبلية التي تجري في آخر الزمان عند نزول عيسى بن مريم (عليه السلام) الله هو خروج رجل من أهل بيت النبوة يوافق اسمه اسم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يقال له المهدي يتولى أمر المسلمين ويصلي عيسى بن مريم عليه السلام خلفه.
ذكر الدكتور أحمد صبحي في كتابه (نظرية الإمامة) الاعتقاد شاء في انتظار المهدي (عليه السلام) عند جماعة من علماء الجمهور، وإن لم يتقرر كأصل من أصول عقيدتهم كما عند الشيعة على الرغم من إيمان علمائهم كالكنجي والشافعي في كتابه ( البيان في أخبار صاحب الزمان) والسيوطي في كتاب (العرف الوردي) وابن حجر الهيثمي في كتابه ( القول المختصر في علامات المهدي المنتظر) ويوسف بن يحيى المقدسي في كتابه (عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر) وهناك علماء اشتهروا في عدائهم التقليدي للشيعة وإنكارهم لأكثر عقائدهم مثل ابن تيمية يؤمن بصحة الحديث الذي رواه ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الإمام المهدي وخروجه ونسبه ومكانته، وروي عند البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي وغيرهم.
اليوم نحن بحاجة إلى تعميم فكري نحو وحدة إسلامية في الرؤى والمبادئ العامة وهذا يمثل حاجة ملحة للوقوف أمام جماعة التكفير التي تحارب به الإسلام فكرًا وعقيدة وضدّ المادية الغربية التي تعمل على استعمال جميع الوسائل التي من شأنها التشكيك في الإسلام من جميع نواحيه الأخلاقية والعقائدية، ولغرض، إثبات الوحدة الإسلامية من الناحية العقائدية من طريق الإجماع على القول بظهور الإمام المهدي (عليه السلام).




تقييم المقال

